هذا الموضوع ليس عرضا لأنواع الكائنات التي خلقها الباري عز و جل في أرجاء بحار الدنيا ، كما أنه ليس عرضا لأطباق
شهية من أصناف الأسماك تم تحضيرها بعناية فائقة في مطبخ هنا أو هناك ، و إنما هو خواطر / قصيدة جادت بها قريحة
أحد أدبائنا الأفذاذ خلال مصيفه بالإسكندرية ، وهو مصطفى صادق الرافعي رحمه الله ، هذه الكلمات قصيدة فنية نظمها
الشيطان على رمل الشاطئ في الإسكندرية ، وقد قام بترجمتها عن الشيطان - كما قال رحمه الله - فصلا بعد عن تلك
الأجسام عارية و كاسية ، و عن معانيها مكشوفة و مغطاة ، و عن طباعها بريئة و متهمة ، ...
قال الشيطان :
ألا إن البهيمية و العقلية في هذا الإنسان ، مجموعهما شيطانية...
ألا و إنه ما من شئ جميل أو عظيم إلا وفيه معنى السخرية به .
هنا تتعرى المرأة من ثوبها ، فتتعرى من فضيلتها .
هنا يخلع الرجل ثوبه ، ثم يعود إليه فيلبس فيه الأدب الذي خلعه ...
رؤية الرجل لحم المرأة المحرمة نظر بالعين و العاطفة .
يرمي ببصره الجائع كما ينظر الصقر إلى لحم الصيد ...
ونظر المرأة لحم الرجل رؤية فكر فقط ...
تحول بصرها أو تخفضه ، و هي من قلبها تنظر ...
يا لحوم البحر سلخك من ثوبك جزار ...
***
يا لحوم البحر سلخك جزار من ثوبك ...
جزار لايذبح بألم و لكن بلذة ...
و لا يحز بالسكين و لكن بالعاطفة ...
و لا يميت الحي إلا موتا أدبيا ...
إلى الهيجاء يا أبطال معركة الرجال و النساء .
فهنا تلتحم نواميس الطبيعة و نواميس الأخلاق .
للطبيعة أسلحة العري ، و المخالطة ، و النظر ، و الأنس ، و التضاحك ، و نزوع المعنى إلى المعنى ...
و للأخلاق المهزومة سلاح من الدين قد صدئ ، و سلاح من الحياء مكسور ..
يا لحوم البحر سلخك من ثوبك جزار .
***
الشاطئ كبير كبير ، يتسع الآلاف و الآلاف .
ولكنه للرجل و المرأة صغير و صغير ، حتى لا يكون إلا خلوة ...
وتقضي الفتاة سنتها تتعلم ، ثم تأتي هنا تتذكر جهلها و تعرف ما هو ....
و تمضي المرأة عامها كريمة ، ثم تجئ لتجد هنا مادة اللؤم الطبيعي ....
لو كانت حجاجة صوامة ، للعنتها الكعبة لوجودها في (استانلي )
الفتاة ترى في الرجال العريانين أشباح أحلامها ، و هذا معنى من السقوط .
و المرأة تسارقهم النظر تنويعا لرجلها الواحد ، و هذا معنى من المواخير ...
أين تكون النية الصالحة لفتاة بين رجال عريانين ؟
يا لحوم البحر سلخك من ثوبك جزار ...
***
و هناك التربية ، و هنا إعلان الإغفال و الطيش .
و هناك الدين ، و هنا أسباب الإغراء و الزلل .
هناك تكلف الأخلاق ، وهنا طبيعة الحرية منها .
و هناك العزيمة بالقهر يوما بعد يوم ، و هنا إفسادها بالترخص يوما بعد يوم .
والبحر يعلم اللآئى و الذين يسبحون فيه كيف يغرقون في البر ...
لو درى هؤلاء و هؤلاء معرة اغتسالهم معا في البحر ، لاغتسلوا من البحر .
فقطرة الماء التي نجستها الشهوات قد انسكبت في دمائهم .
و ذرة الرمل النجسة في الشاطئ ، ستكبر حتى تصير بيتا نجسا لأب و أم ...
يا لحوم البحر ، سلخك من ثوبك جزار ...
***
أتمنى أن تنال هذه القصيدة - التي لم تتم بعد - إعجابكم ، و تستمتعوا بها
ولئن طلبتم المزيد منها لأزيدنكم
تحيييياتي العطرة..