كثر في الآونة الأخيرة ظهور ( فتاوى ) كثيرة في الصحف و المجلات في الأمور الدينية و المستحدثة ..
بعضها من فقهاء كبار مشهود لهم بالعلم و أخرى من أناس لا نعلم من أمرهم شيئا، و لا كيف بلغوا مرتبة الإفتاء . و ثالثة لا تحمل إسم من أفتى ..
وكل منهم يفتي بجرأة و حماسة .. برفق أحيانا و غلظة شديدة أحيانا ،
و العجيب أنهم قد يفتون أحيانا في مسألة و احدة ، فواحد منهم يجنح إلى التشديد و آخر يميل إلى التساهل و واحد يحلل و آخر يحرم ...
عظم شأن الفتوى :
لاشك أن توضيح الأمور الدينية و بيان الحكم الشرعي في الأمور المستحدثة واجب و مفيد ، لكن فتح هذا الباب ، و إطلاق الأمر لمن لم تتوفر فيه صفات المفتي أمر ينتج عنه مخاطر . ذلك لأن الفتوى ليس كلاما يلقى فيسمع أو يكتب فيقرأ . ثم يرمى به بل قد يتبعه كثيرون من العامة ويكون منه ثواب أو عقاب
فالفتوى ذات شان عظيم و لهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما رواه الدار مي : " أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار " وها هو ذا الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه على جلالة قدره يقول : " ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك " و مع هذا كان كثيرا ما يقول: لا أدري . و كان كثير من الصحابة الكرام رضي الله عنهم يتهربون من الفتوى من باب التقوى.
شروط الفتوى وصفات المفتي :
قال الإمام الشافعي : " لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلا عالما بكتاب الله بصيرا باللغة و الشعر و ما يحتاج إليه منهما في فهم القرآن و السنة و يكون مع هذا مشرفا على اختلاف علماء الأمصار ويكون ذا قريحة وقادة . فإذا كان هكذا فله أن يفتي في الحلال و الحرام و إذا لم يكن هكذا فليس له ذلك "
وسئل حذيفة بن اليمان عن شيء فقال : إنما يفتي أحد ثلاثة : من عرف الناسخ و المنسوخ ..أو رجل ولى سلطانا .. أو متكلف .
وتكلم شيخ الحنابلة أحمد بن حمدان الحراني في رسالته المسماة ( صفة الفتوى و المفتي و المستفتى ) على من يريد الإفتاء فقال : " من شروط المفتي أن يكون مسلما عدلا .. فقيها مجتهدا صحيح الذهن و الفكر و التصرف في الفقه " .
وقال : فأما الفقيه على الحقيقة فهو من له أهلية تامة يمكنه أن يعرف الحكم بها إذا شاء معرفته جملة كثيرة عرفها من أمهات مسائل الأحكام الشرعية..الفروعية العملية بالإجتهاد و التأمل – و حضورها عنده .. فكل فقيه حقيقة مجتهد قاض لأن الإجتهاد بذل الجهد و الطاقة في طلب الحكم الشرعي بدليله ..وكل مجتهد أصولي فلهذا كان علم أصول الفقه فرضا على الفقهاء .
ثم قال رحمه الله : فمن أفتى وليس على صفة من الصفات المذكورة من ضرورة فهو عاص آثم لأنه لا يعرف الصواب و ضده.
منقول بتصرف